dimanche 14 janvier 2007

وثيقة مرجعية للحزب الاشتراكي الموحد حول الإصلاحات الدستورية



I- في ضرورة الإصلاح الدستوري وفلسفته

طبقا للبرنامج العام المصادق عليه من طرف المجلس الوطني للحزب، شكل المكتب السياسي فريق عمل مكلف بإعداد تصور الحزب بخصوص قضية الإصلاح الدستوري، وقد أنهى الفريق عمله في الوقت المحدد له وتوصل إلى صياغة وثيقة في الموضوع سلمها إلى المكتب السياسي، وصادق عليها هذا الأخير في اجتماعه بالرباط يوم 21 ماي 2006.
وتعتبر الوثيقة نصا مرجعيا داخليا معدا بغاية اعتماده في صياغة مذكرة المطالب والمقترحات المدلى بها من طرف الحزب أمام الرأي العام والسلطات العمومية.
وقد تم الانطلاق في وضع مضامين الوثيقة من الاقتناع بمجموعة مبادئ موجهة، ومن تحليل سير العمل المؤسسي ببلادنا وما حفل به من اختلالات يتعين السعي لمعالجتها، حتى نسمح لبلادنا بولوج الانتقال الديمقراطي الحقيقي.
مبادئ موجهة
- الاقتناع بالديمقراطية كفلسفة وكآليات.
- الخصوصية في نظرنا تهم بعض جوانب إعمال آليات الديمقراطية المعروفة ولا تمس بحال من الأحوال تلك الآليات.
- الشكل الملكي للنظام السياسي لا يمثل بالنسبة إلينا موضوع خلاف، بل نعتبر أن الملكية الديمقراطية ضمانة للاستقرار.
- الغاية من طرح هذه الأفكار هو إغناء النقاش العلني بغاية الوصول إلى تعاقد وطني، يعلن عبره الملك عن قاعدة الاتفاقات المتوصل إليها.
- إذا كانت المقترحات الواردة بالوثيقة ترمي أساسا إلى تصحيح اختلالات النظام السياسي، فإن من هذه الاختلالات ما يمكن معالجته بتدخل التقنية الدستورية، ومنها ما لا يمكن أن يعالج كذلك، بل هو رهين بتدخل الفاعلين الذين ينجحون في ضمان التقدم وإدخال الرقم الشعبي في معادلة الحكم.
- الحصول على دستور متقدم لا يعني التغلب دفعة واحدة على جميع الاختلالات القائمة حاليا، فستكون هناك مرحلة تمرين وتدرج في التطبيق داخل نفس الإطار الدستوري وصولا إلى تمثل كامل لروحه.
- يتعين العمل على خلق ميزان للقوى يسمح بتسريع تلك المرحلة الانتقالية الوسطى.
- بينت التجربة أن التطبيق الدستوري ليس سلسا، ولا يمكن للواقع أن يتغير جذريا بين عشية وضحاها، فهناك تقاليد متأصلة ستحاول أن تنفلت من حكم النص، وإعلان الإرادة السياسية لتسييد النص لا تمنح هذا الأخير قوة كاملة لإعماله، مما يتطلب إنجاز سلسلة من الخطوات والعمليات المركبة والمترابطة والتي تندرج ضمن السياق الشامل للإصلاح السياسي بهدف تجاوز النسق السياسي العرفي الفوق قانوني والفوق دستوري وعلاقاته السائدة.
هدفنا هو الوصول إلى نظام الملكية البرلمانية، لأنها صيغة التوفيق الوحيدة بين الملكية الوراثية والديمقراطية.
بعبارة أوضح، نريد وزيرا أول يتعاقد مع الشعب وينفذ برنامجه الذي يشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، الداخلية والخارجية. دستور 1992 سجل تقدما على هذا السبيل يجب تعزيزه.
مهمة تصحيح الاختلالات
يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من الاختلالات التي تبعد نظامنا السياسي عن النموذج الديمقراطي المأمول، وأهم هذه الاختلالات هي :
1- وجود سلطة تقليدية فوق دستورية
إن وجود سلطة تقليدية تنهل من مشروعية موازية، ويمكن لها باسم هذه المشروعية أن تتخطى النص الدستوري، يفيد بكل بساطة أننا نعيش ما يشبه المجاز الدستوري أو غياب المؤسسة الدستورية بمفهومها الحقيقي.
ومن ثمة نستطيع الجزم، بعدم "جدية" الاختصاصات الواردة في الدستور والممنوحة للوزير الأول، فالمؤسسة الملكية عمليا هي الدولة، وكل المؤسسات ترتبط بها برابطة الطاعة والمخدومية، وهذا يجعل الوزير الأول والحكومة مجرد أجهزة لتلقي التعليمات وترجمتها والتحرك في حدود ما يحال عليها وما يفوض لها أو ما يطلب منها أن تباشره.
2- الضبط الانتخابي
تباشر الدولة مهمة الضبط الانتخابي وخاصة من خلال أدوار وزارة الداخلية. ليست هناك سلطة مستقلة للإشراف على الانتخابات، فهناك اهتمام بنتائج الانتخابات ممن يتولى أمر الإشراف عليها، إذ ينهض تخوف من أن تفرز الانتخابات أغلبية لها برنامج مختلف عن برنامج الدولة القار وتطالب بتطبيقه.
إن الداخلية هي سلطة خارج حكومية –أكثر من غيرها-، متعاظمة الأدوار، وتحرص على ضبط واقع معين، وتسعى لكي لا تفرز الانتخابات واقعا قد يمنع استمرار مركزية القرار أو تنبثق من خلاله قوة تطالب باستقلاليتها عن الدولة وبرنامجها. إن وسائل الضبط الانتخابي متعددة ومركبة، وهي تكفل استمرارية وضع قائم ينبع القرار فيه من أعلى.
3- الوزير الأول ليس سلطة سياسية تقود عمل فريق منسجم وفق برنامج متعاقد عليه مع الناخبين
هناك دائما إمكانية لاختيار الوزير الأول من خارج الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بل من خارج الأحزاب أصلا، وهناك دائما إمكانية لكي تضمن له أغلبية و"سلم سياسي" يمنع من إسقاطه، مع التذكير بأن هذه الضمانة التي تتوفر له لا تعزى إلى صلاحية دستورية مباشرة للملك، بل إلى تقليد يجعل الفاعلين عموما يقبلون في النهاية الخضوع السهل للاختيار الملكي.
لكن الدستور يجعل ممارسة الوزير الأول لسلطاته المرسومة في النص الدستوري، مقيدة بشرط صدور إذن أو أمر أو إشارة ملكية، مادامت الصلاحيات الدستورية للملك وكما يوضحها التأويل الدستوري القائم، تجعل منه مصدر السلطة الأصلي ورئيس الجهاز التنفيذي وبقية الأجهزة والمؤسسات الأخرى، وعندما تمارس هذه الأخيرة صلاحية ما فيكون ذلك بتفويض من المصدر الأصلي. وبناء عليه فالوزير الأول في الحقيقة مجرد مساعد للملك، يسير اجتماعات مجلس الحكومة الرسمية.
4- عدم إلزامية البرنامج الحكومي المعلن
إن البرنامج الحكومي المصادق عليه في البرلمان لا يمثل مرجعية ملزمة، مادام الخطاب الملكي يقدم التوجهات في صيغتها المرقمة أحيانا –وقد سبق أن تم ذلك عشية الانتخابات نفسها-، ومادام الملك في أي خطاب من خطاباته، يمكن أن يعلن عن تدابير وإجراءات ومخططات، لا علاقة لها بالبرنامج الحكومي المعلن، بدون أن تكون قد عرضت على الحكومة أو علمت بها، وتتلقى التعليمات بتنفيذها.
وربما لهذا السبب، فإن التحالفات لتشكيل الحكومات، لا تمنح لقضية البرنامج إلا أهمية ثانوية، وهذا الأخير لا يصاغ بشكل مدقق، بل يمثل خطاطة لعناوين كبرى.
5- غياب أي دور للوزير الأول في عمل مجلس الوزراء
إن صلاحيات مجلس الوزراء تكاد تجعل مجلس الحكومة بلا قيمة تذكر، فأغلب النصوص تحال على المجلس الأول بعد دراستها في المجلس الثاني، والمدة الزمنية لجمع المجلس الوزاري قد تطول بدون أن يكون للوزير الأول الحق في استدعاء هذا المجلس للاجتماع وتصفية الملفات المتراكمة.
يمكن للملك أن يتدخل باستبعاد نقطة في جدول الأعمال أو يباشر تلقائيا صياغة نص يصدر في شكل ظهير شريف مباشرة بدون مناقشة بمجلس الوزراء.
6- هشاشة علاقة الوزير الأول بالوزراء
يستقبل الملك الوزراء المعينين في قطاعات محددة ويقدم لهم تعليماته مباشرة، ويأمرهم بتنفيذ القرارات التي يصدرها وتهم قطاعاتهم، بدون مواكبة الوزير الأول لهذه العملية، كما يقوم الملك بإعفاء أي وزير من الوزراء وتعيين شخص آخر مكانه، بدون اقتراح من الوزير الأول.
ولهذا فإن الوزراء يعلمون أنه بعد تنصيبهم فإن الوزير الأول ليس هو المتحكم في استمرارهم، ولا سلطة له في الحكم على آدائهم وتقييم عملهم.
7- ثنائية حكومة فعلية موازية/حكومة إسمية
بالرغم من وجود حكومة رسمية، فإن المستشارين الملكيين ووزراء الداخلية والأمانة العامة للحكومة وما اصطلح عليه البعض بوزراء السيادة، والمدراء، يمثلون جميعا وجها لسلطة فعلية تتفوق على سلطة الحكومة الرسمية، وتخلق خللا مؤسسيا يتمثل في "الازدواجية بين سلطة الدولة وسلطة الحكومة"، فكما لو أن الحكومة ليست جزءا من الدولة، ولهذا السبب فإن الحكومة في المغرب هي فعلا "منظمة غير حكومية".
إن "الدولة" تقيم علاقاتها بالقطاعات من خلال مؤسسة الديوان الملكي (مستشارون، وزارة الداخلية، ولاة، عمال، موظفون كبار، مدارء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية)، خارج العلاقة المفترضة بين وزراء الحكومة وهذه القطاعات. وهكذا تضيع قواعد المسؤولية والوضوح في التدبير.
8- ظاهرة اللجان/الصناديق/المؤسسات
يتعلق الأمر هنا بهيئات تقتطع مساحات هامة من اختصاصات الحكومة وميزانيتها العامة وتساهم في تهميشها. إنها هيئات تقع تحت النفوذ الملكي المباشر ولا يتأتى عمليا مباشرة أي وجه للإشراف أو الرقابة عليها من طرف ممثلي الشعب المفترضين، وقد أدى تزايد نفوذ مدراء هذه الهيئات إلى أن يصبحوا أشبه بوزراء يتحكمون في مصير أموال عمومية ويدبرونها باستقلال عن الأجهزة الحكومية القائمة، ويتوفرون على نوع من الحصانة والاستمرارية التي لا تتأثر بالمتغيرات الانتخابية وتعبيرات الرأي العام السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وقد تعمق عرف إنشاء هذه الهيئات خلال مرحلة وجود عبد الرحمان اليوسفي في منصب الوزير الأول، وأحيلت عليها ملفات حساسة وحيوية تهم الجوانب الاقتصادية والسياسية التي تندرج عادة في صلب اهتمام واختصاص الحكومات في مختلف أنحاء العالم.
9- الوضع الخاص لوزارة الداخلية
لا يتعلق الأمر هنا فقط بما تتمتع به وزارة الداخلية من شبه استقلالية عن الجهاز الحكومي واحتلالها لموقع خاص متسام ناجم عن ارتباطها الوثيق بالقصر، بل أيضا بالصلاحيات الواسعة الممنوحة لهذه الوزارة وحقها في التدخل في عمل مختلف أجهزة الدولة، مما يجعلنا أمام ازدواجية في التوجيهات المقدمة إلى موظفي الدولة، ويؤدي إلى وجود تفاوت وعدم توازن بين حجم السلطة التنفيذية التي تعود إلى الداخلية وحجم السلطة التي تعود لغيرها. إن وزارة الداخلية تبدو كما لو كانت مركبا من الوزارات وليس وزارة واحدة، ويكفي أن نشير إلى السلطات المتسعة للعمال والولاة، وما يترتب عنها من إمكان تجاوز الوزارات الأخرى، بل وتجاوز الحكومة ككل، فالولاة والعمال باعتبارهم منسقين للمصالح الخارجية للوزارات، يجعلون النواب الإقليمين لتلك الوزارات تحت رحمتهم مما يؤثر سلبا على مسار تنفيذ البرنامج الحكومي.
كما أن انعدام مواكبة الوزير الأول لعمل الأجهزة الأمنية رغم أن هذه الأخيرة يفترض أنها تابعة لوزير عامل ضمن "الفريق الحكومي" للوزير الأول، يعرقل جديا بعض إمكانات الحد من التجاوزات.
لقد أبانت التجربة عن وجود عجز حكومي في مجال محاسبة عمل الأجهزة الأمنية التي تباشر أعمالاً من المفروض أن تتم باسم الحكومة. وخلال الفترة التي أعقبت أحداث 16 ماي أمكننا أن نلمس بوضوح هامشية دور الحكومة في مجال تحديد السياسة الأمنية طبقا لالتزامات الحكومة والضوابط التي أعلنت تعلقها بها.
10- مكانة المديرين في هرم السلطة
إن تعيين المديرين بظهائر ملكية، يمنحهم القدرة على التصرف خارج التوجيهات الحكومية، حتى أن عددًا منهم حولوا القطاعات التابعة لهم إلى مجالات خاصة، لا يعتد فيها بالإشراف الحكومي، مادام الحساب في النهاية يجب أن يقدم إلى صاحب سلطة التعيين، ومادامت عملية التعيين نفسها تغشاها اعتبارات وعناصر لا ترتبط دائما بإرادة الحكومة أو الوزراء المعنيين.
11- شبه استقلالية الأمانة العامة للحكومة
تعتبر الأمانة العامة للحكومة تابعة عمليا للقصر، وهي لا تكتفي بدور الإعداد الفني للنصوص التي تنوي الحكومة إخراجها، بل تتعداه في الواقع الملموس إلى ممارسة نوع من سلطة الملاءمة، عبر سياسة تجميد عدد من النصوص التي لا تقدر ربما نجاعتها، فتفرض على الحكومة التكيف مع هذا الأمر الواقع وتسليم قدرها لسلطة الأمانة العامة، ويتندر المسؤولون أنفسهم أحيانا برواية قصص عجيبة عن المدد الطويلة التي قبعت فيها عدد من النصوص محتجزة تعسفيًا لدى الأمانة العامة للحكومة.
12- التشريع الملكي المباشر
بناء على الفصل 19 يعمد الملك أحيانًا إلى إصدار نصوص تشريعية تنشر بالجريدة الرسمية ويتم العمل بها بدون الرجوع إلى البرلمان أو حتى إشعار مجلس الوزراء، رغم أن تلك النصوص تدخل في مجال القانون (ظهير إنشاء المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري- ديوان المظالم، على سبيل المثال). ويتعلق الأمر أحيانا بمواضيع تكون الحكومة قد شرعت في إعداد النصوص المتعلقة بها، وقد تأتي صيغة النص المنشور بظهير ملكي مخالفة للتوجه الذي كانت الحكومة أو القطاع المعني يريدان أن يخضع لها مضمون النص. وذلك بالرغم من أن الملك يمكنه أن يتدخل على مستوى مجلس الوزراء لتعديل صيغة المشروع أو أن يطلب قراءة ثانية بعد مصادقة البرلمان أو يتوجه إلى الشعب مباشرة لاستفتائه في الموضوع.
13- اعتبار القضاء مشمولا بسلطة الإمامة
إن التأويل الذي قدم للدستور المغربي، بمناسبة رفض القضاء ممارسة أي نوع من الرقابة على أعمال الملك، يقوم على أن هذا الأخير هو باعتبار مكانته الدينية بمثابة "القاضي الأول"، فلا يمكن والحالة هذه للفرع أن يراقب أعمال الأصل، وكل ما يصدر عن الملك يتمتع بحصانة مطلقة ولا يمكن الطعن فيه، ويبقى للأفراد أن يلتمسوا المراجعة على سبيل الاستعطاف بالتوجه مباشرة إلى الملك أيًا كان مجال العمل الملكي، وهذا المنطق يتماشى في الأصل مع فكرة القداسة التي يحظى بها شخص الملك والتي تجعل كل ما يفيض عنه مقدسًا أيضًا، حتى ولو تم تسجيل تعارض القرارات والنصوص الصادرة مع القانون، وقد أكد القضاء أن الخطب الملكية مثلا هي بمثابة قانون، حتى ولو لم تصغ في قوالب قانونية.
لقد اعتبر المجلس الأعلى أن القضاة ممثلون فعليا للملك، ويترتب عن ذلك سعيهم إلى تشخيص الإرادة الملكية في أحكامهم. ومن ثمة، فإن الوضع الدستوري في المغرب، طبقا لمنطوق الفصل 19 وللتأويل الذي قدم له، لا يتحمل فكرة استقلال القضاء. كما يشكو نظامنا القانوني عمومًا من حواجز وحدود تمنع وجود شكل متقدم ومرن لرقابة حقيقية على دستورية القوانين، ومن العراقيل التي تمنع القضاة من تنظيم صفوفهم بشكل مستقل وبناء علاقات تضامنية تمنحهم قدرة البروز كمركز سلطة في مراقبة مراكز السلطات الأخرى، ولهذا السبب فضل المشرع الدستوري استعمال عبارة "القضاء" بدل عبارة "السلطة القضائية"!.
14- ضعف المؤسسة البرلمانية
ويتجلى في كونها ليست مصدرًا للمبادرة المستقلة، ولا تمارس رقابة فعلية على سير دواليب الإدارة وخاصة في القطاعات الحساسة، وعدم نهوضها بالمهام المطلوبة منها إزاء أحداث وطنية خطيرة كتفجيرات 16 ماي وما أعقبها من متابعات وممارسات تحكمية، وضعف الحضور في مناقشة نصوص أساسية، وتهميش دور النواب في اقتراح القوانين، واستعمال تقنية الأسئلة على وجه لا يجعل منها وسيلة لمواكبة القضايا الوطنية ذات الأولوية، وما يتسبب فيه وجود الغرفة الثانية من إهدار للوقت والجهد وازدواج وظيفي ...إلخ.
الدستور الذي نريد
انطلاقا من هاجس معالجة الاختلالات المذكورة أعلاه، وأخذا بعين الاعتبار لشروط المرحلة ومتطلبات التقدم والتحديث، ستتحدد إذن صورة الدستور الذي نريد، أي ذلك الدستور القادر على ضمان :
- ربط القرار بصناديق الاقتراع أي اعتماد السيادة الشعبية أساسا للحكم.
- "دسترة الدستور" أي الوصول إلى جعل الدستور وثيقة ملزمة، حتى تصبح الحالة الدستورية حقيقة لا مجازًا، ويتوضع النص الدستوري المكتوب فوق كل السلطات تعبيرا عن سمو السلطة التأسيسية.
- الحد من الأعراف اللادستورية أي قواعد العمل غير المتلائمة مع نصوص الدستور.
- توحيد المشروعية في الشرعية، والوصول إلى إقرار دستور واحد، والقطع مع الحالة التي تعرف بوجود دستورين (دستور عصري / دستور تراثي) أو ثلاثة دساتير (دستور ضمني / دستور صريح / دستور مطالب به).
وبعبارة أخرى نريد الوصول إلى دستور ديمقراطي، وذلك أساسًا من خلال الاحتفاظ للملك بسلطات هامة في الظروف الاستثنائية واللحظات غير العادية في السير المؤسسي، حتى يتمكن من لعب دور حيوي في التحكيم والعودة إلى الشعب ومواجهة الظروف الطارئة وتأمين استئناف السير السليم لدواليب الدولة، وتعزيز موقع الحكومة والوزير الأول والبرلمان في ظروف السير العادي عبر :
- منح الحكومة صلاحيات جديدة.
- جعل الوزير الأول رئيسا فعليا للجهاز الحكومي منبثقا من الأغلبية.
- تحويل عدد من صلاحيات مجلس الوزراء إلى مجلس الحكومة.
- توسيع اختصاصات البرلمان، وإلغاء الغرفة الثانية.
- ضبط عدد من آليات استقلال القضاء.
وتم الاحتفاظ بهيكلة دستور 1996 كإطار لطرح الأفكار ومقترحات التغيير، مع الإشارة إلى أنها تقدم عمليا صورة لدستور جديد، نظرا لجوهريتها وكثافتها، ومن ثمة يمكن القول أن المغرب عرف نصيب محوريين (دستور 1962 ودستور 1992) والباقي يمكن تصنيفه في خانة التعديلات على هذين النصين، وعلينا أن نؤسس لدستور جديد ثالث.
ونرى أن يكون دستورًا مفصلاً، وذلك تحقيقا للغايات التالية :
أ‌- ضمان تقييد المشرع العادي حتى لا يستغل الفراغ لوضع قواعد لا تتماشى مع روح الدستور.
ب‌- توحيد التأويل حتى تمنح المبادئ الواردة في الدستور معان واضحة ولا يتم الاستناد إلى حرية التأويل من أجل التحلل من الدلالات والمعاني الممنوحة للكلمات والتعابير المستعملة في المجتمعات الديمقراطية.
ج‌- إنارة الممارسة وتزويد الجميع بأكبر قدر من المعطيات والعناصر الضرورية لتطبيق دستوري سليم وواضح.
كما نرى أن يكون دستورنا المقبل قادرا على الاستفادة من دروس الظرفية السياسية ومعطياتها ومواكبة المستجدات الوطنية والعالمية، وخاصة من خلال :
- محاولة إصلاح عطب "التناوب" الذي جعل هذا الأخير عاجزًا عن الوفاء بما وعد الناس به.
- استيعاب مستجدات البناء المؤسسي (ديوان المظالم – الهيأة العليا للإعلام السمعي البصري...).
- مراعاة النقد الذي وجه للغرفة الثانية، والإجماع الحاصل على شذوذ الوضع الحالي المتمثل عمليًا في وجود برلمانين.
- ترجمة الالتزام الملكي بتعيين الوزير الأول المقبل من الأغلبية.
- تجسيد التوجه العام نحو تعزيز نظام الجهوية ووضع الصيغة الدستورية القادرة على استيعاب فكرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.
- إعادة تأكيد مكانة الأمازيغية كإحدى مكونات الهوية المغربية.
- تحصين بعض مواد قانون الأسرة بدسترتها.
- التنصيص على حق المهاجرين المغاربة في التصويت والذي تم اعتماده مؤخرًا.
- مواكبة المستجدات العالمية بخصوص ما عرفته ترسانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من توسع.
- إحكام صياغة الدستور، واستعمال عبارات إيجابية كالتعددية مثلاً التي كان يجب أن تعوض الإشارة السلبية الواردة بالمادة 3.
- تطبيق توصيات التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة.





II- في المقتضيات والأحكام الدستورية المقترحة
أولا – بصدد الهوية والمبادئ العامة
- التأكيد على أن الديباجة جزء لا يتجزأ من الدستور.
- شعار المملكة : الله – الوطن – الملك – الديمقراطية – العدالة الاجتماعية.
- التنصيص على الأبعاد الثلاثة للهوية المغربية الإسلامية العربية الأمازيغية وعلى اعتبار الأمازيغية لغة وطنية إلى جانب اللغة العربية.
- جعل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة مرجعية مركزية.
- كل الاتفاقيات التي يصادق عليها المغرب والمتعلقة بحقوق الإنسان تصبح جزءًا من النظام العام وتعلوا على النصوص الداخلية.
- تعويض "الوحدة الإفريقية" ب "الانتماء الإفريقي"
- نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية برلمانية ديمقراطية واجتماعية.
- التأكيد على أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات المنتخبة (وليس الدستورية الواردة بالفصل الثاني).
- تعويض تعبير (نظام الحزب الوحيد غير مشروع) الوارد بالفصل الثالث ب : "يعمل المغرب بنظام التعددية الحزبية ويكفل شروط تفعيلها"
- اعتماد هيأة دستورية مستقلة للإشراف على الانتخابات.
- وضع تعريف للأحزاب يشير إلى حقها في تمثيل المواطنين والتداول على السلطة.
- التدبير الديمقراطي للأحزاب والنقابات.
- التزام الدولة بالدعم العمومي للأحزاب والنقابات وفق معايير قانونية موضوعية ومنصفة.
- حق الأحزاب في استعمال الإعلام العمومي.
- احترام التعددية في برامج الإعلام العمومي.
- دسترة الهيأة العليا للإعلام السمعي البصري، وجعل تركيبة المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري تتألف من :
ثلاثة (3) أعضاء يعينهم الملك.
ثلاثة (3) أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب.
ثلاثة (3) أعضاء يعينهم الوزير الأول.
ثلاثة (3) من القضاة يعينهم رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
ثلاثة (3) أعضاء يختارهم ممثلو الهيئات المهنية للصحفيين
- استناد مواد التربية للنشء على قيم الحداثة والتسامح واحترام الآخر والتعايش.
- الرجل والمرأة متساويان في الحقوق والواجبات، ويمنع التمييز في الأجر عن نفس العمل بين الرجل والمرأة.
- دسترة مجموعة من أحكام مدونة الأسرة، حتى تصبح أساسا لنظام الأسرة مكتسبا صبغة الإلزام الدستوري بالنسبة لكافة المواطنين المغاربة أيا كانت ديانتهم.
مفهوم الزواج :
الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين(م 4).
سن الزواج :
تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى أو الفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشر سنة شمسية (م 19).
الولاية حق للمرأة :
تمارس الراشدة هذا الحق حسب اختيارها ومصلحتها، ولها أن تعقد زواجها بنفسها، أو تفوض ذلك لأبيها أو أحد أقاربها (م 24 – 25).
تقييد التعدد :
يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها (م 40).
الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين :
1- المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وعدل وتسوية عند التعدد، وإحصان كل منهما وإخلاصه للآخر، بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل؛
2- المعاشرة بالمعروف، وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة؛
3- تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال؛
4- التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل؛
5- حسن معاملة كل منهما لأبوي الآخر ومحارمه واحترامهم وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف؛
6- حق التوارث بينهما (م51).
حقوق الأطفال على أبويهم :
1- حماية حياتهم وصحتهم منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد؛
2- العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة، بالنسبة للاسم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية؛
3- النسب والحضانة والنفقة؛
4- إرضاع الأم لأولادها عند الاستطاعة؛
5- اتخاذ كل التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا؛
6- التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل؛
7- التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وعلى الآباء أن يهيئوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني.
عندما يفترق الزوجان، تتوزع هذه الواجبات بينهما بحسب ما هو مبين في أحكام الحضانة.
عند وفاة أحد الزوجين أو كليهما تنتقل هذه الواجبات إلى الحاضن والنائب الشرعي بحسب مسؤولية كل واحد منهما.
يتمتع الطفل المصاب بإعاقة، إضافة إلى الحقوق المذكورة أعلاه، بالحق في الرعاية الخاصة بحالته، ولا سيما التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته قصد تسهيل إدماجه في المجتمع.
تعتبر الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتها طبقا للقانون.
تسهر النيابة العامة على مراقبة تنفيذ الأحكام السالفة الذكر(م 54).
حق الزوجة في طلب التطليق :
للزوجة طلب التطليق بناء على :
إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج – الضرر – عدم الإنفاق – الغيبة – العيب – الإيلاء والهجر.
يعتبر كل إخلال بشرط في عقد الزواج ضررا مبررا لطلب التطليق.
يعتبر ضررا مبررا لطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية (م 98 – 99).
حق كل من الزوجين في التطليق بسبب الشقاق :
تحكم المحكمة بالتطليق بعد تعذر الإصلاح، وتحدد المستحقات مراعية مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر (م 94 – 97).
- تحديد سن الرشد العام في 18 سنة، وتوحيد سن الرشد العام والرشد الملكي.
- ضمان الدولة لحرية العقيدة.
- ضمان الدولة لحق جميع المواطنين في الحماية ضد انتهاكات حقوق الإنسان الصادرة عن رجال وأعوان السلطة وتأمين وسائل الانتصاف ومتابعة مقترفي تلك الانتهاكات.
- ضمان الدولة لحق جميع المواطنين في الحماية ضد انتهاكات حقوق الإنسان الصادرة عن رجال وأعوان السلطة وتأمين وسائل الانتصاف ومتابعة مقترفي تلك الانتهاكات.
- تشكيل هيأة دستورية لخدمة الشفافية والوقاية من الفساد والرشوة وضمان إجراءات التخليق العام.
- لا تقبل الحدود على الحقوق والحريات إلا تلك المقبولة في مجتمع ديمقراطي والتي تجيزها المواثيق الدولية.
- إلغاء عقوبة الإعدام.
- حق التعويض عن البطالة.
- إجبارية الحد الأدنى من التعليم (تسع سنوات).
- التنصيص على العدالة الاجتماعية أيضًا في الفصل 15 بجانب حرية المبادرة الخاصة، حتى يفيد ذلك كفالة حق التداول بين أصحاب برامج ليبرالية وأصحاب برامج اشتراكية.
- حماية الحقوق والحريات التالية : حقوق المستهلك – الحق في الإعلام والوصول إلى الأخبار والمعلومات – رفع العرائض الفردية والجماعية – عرائض حاملي السلاح الفردية إلى الملك – الحق في التنمية والعيش اللائق – الاطلاع على أرشيف الدولة – التظلم – مناهضة التمييز العرقي والجنسي والتعليمي وفي ميدان الرياضة والعمل – حقوق الطفل – المهاجرون واللاجئون – البيئة – المعاقون – ضمان الحق في الماء والخدمات الأساسية، ولا يمكن أن يحرم أي كان من هذا الحق بسبب عوزه المادي- مدة الوضع تحت الحراسة – أمكنة الاعتقال العلنية – علنية الجلسات – تطوع المحامي للمؤازرة – لا رقابة مسبقة على النشر – لا حجز ولا منع لنشرات ومطبوعات إلا طبقا لقرارات قضائية – لا تخضع الاجتماعات لترخيص مسبق فقط التصريح الذي هو إعلان وإشعار للسلطات ع – الرقابة القضائية – لا توقف الجمعيات ولا تحل إلا بقرار قضائي – لا إذن مسبق في تأسيس الجمعيات والأحزاب - لا سلب للحرية في قضايا النشر – حماية المكالمات الهاتفية والالكترونية ولا يحد منها إلا بقرار قضائي- شروط المحاكمة العادلة (م 14 من ع ح م س) : التساوي أمام القضاء والمحكمة الحيادية والمستقلة – العلنية وشروط تحديدها – قاعدة البراءة – الإبلاغ الفوري للتهمة – اللغة والترجمة في الجلسة وتبليغ التهمة – الوقت لإعداد الدفاع – عدم تأخير المحكمة - حقوق الدفاع – حضور واستجواب شهود الخصم – لا شهادة للفرد ضد نفسه أو الاعتراف بأنه مذنب – إجراءات خاصة للأحداث - إعادة النظر والاستئناف والطعن – التعويض عن الخطأ القضائي – عدم المحاكمة عن ذات الوقائع ثانية – مناهضة التعذيب والعقوبات القاسية أو المهينة حسب المعايير الدولية – التقيد بالتزامات مكتب العمل الدولي ومنظمة ع الدولية - التحكيم الدولي ومخاصمة الدولة – الضمان الاجتماعي – رعاية الدولة لنظم التربية الصحية.
ثانيا - بصدد الملكية
أ- يمارس الملك الوظائف والأدوار التالية :
1- يعين الملك الوزير الأول.
2- يعين الملك باقي أعضاء الحكومة ويعفيهم باقتراح من الوزير الأول.
3- يعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها (بدون أي قيد).
4- يرأس المجلس الوزاري.
5- يصدر الأمر بتنفيذ القانون.
6- حل البرلمان بدون أي قيد (سوى ما جاء في الفصل 71 من الدستور الحالي القاضي باستشارة رئيس البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب للأمة، وما جاء في الفصل 72 من ضرورة انتخاب مجلس جديد في ظرف ثلاثة أشهر على الأكثر بعد الحل، وما جاء في الفصل 73 من عدم إمكان حل المجلس الجديد إلا بعد مضي سنة على انتخابه).
7- مخاطبة الأمة.
8- القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، له حق التعيين في الوظائف العسكرية.
9- يعتمد السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية (باقتراح من الحكومة)، ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية.
10- توقيع المعاهدات.
11- تعيين القضاة بظهير باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء.
12- ممارسة حق العفو الخاص.
13- إعلان حالة الاستثناء.
14- طلب قراءة جديدة لكل مشروع أو اقتراح قانون ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة.
15- إقتراح تعديل الدستور واستفتاء الشعب في قضايا أساسية.
16- إشهار الحرب بشروط وفق مقتضيات خاصة.
17- التمثيل الرسمي الأعلى للدولة في المحافل الدولية، وله أن يفوض ذلك لغيره.
18- يحمل الملك وحده لقب أمير المؤمنين.
19- منح التشريفات والأوسمة.
20- افتتاح البرلمان.
21- حماية إضافية لحقوق المواطنين.
22- التمتع بحصانة مطلقة.

Aucun commentaire: